mercredi 29 juillet 2009

يحيا النضال الشعبي
يكتب كادحو بوعرفة وكادحاتها هذه الأيام إحدى صفحات تاريخهم المجيدة، فهم إرادة واحدة، وجسم واحد ضد من تمادوا، طيلة عقود، في التعدي بالاستغلال والإفقار والتنكيل. إرادة جماعية تعبر عن نفسها بالاعتصام يوميا من الساعة التاسعة صباحا إلى الساعة الرابعة بعد الزوال، وبمسيرات جماهيرية يومية ابتداء من الرابعة بعد الزوال تجوب أحياء المدينة بالتتابع، هذا منذ ان ُحدد لهم يوم الثلاثاء 29 مايو أجلا أخيرا لسداد فاتورات استهلاك الماء وتهديدهم بنزع عدادات الماء. هذا التهديد حفز الاستعداد النضالي فنظم أهالي بوعرفة مظاهرة شعبية حاشدة يوم الاثنين 28 مايو تحديا لأشكال التخويف والتلويح بالقمع. وفي يوم الأربعاء 30 مايو سارت مظاهرة شعبية بالآلاف، ممتدة زهاء كيلومتر، كان عدد المتظاهرين في تزايد ،إذ فاق 10 آلاف، منهم النساء والأطفال والشيوخ،كل فئات الكادحين، أجراء وعاطلون وشباب، وتجار صغار وحرفيين.. وبالبلدات القريبة نظمت وقفات احتجاجية تضامنية: تندرارة، و بوعنان، و بني تادجيت، و تالسينت.منذ سبتمبر 2006 وسكان بوعرفة ممتنعون عن أداء فاتورات الماء التي غلبت قدرتهم، منضافة إلى شتى صنوف القهر. البطالة مستشرية، والمنطقة بكاملها منكوبة، لا بفعل القحولة و شح الطبيعة بل نتيجة نظام اقتصادي- اجتماعي ظالم استنزف المنطقة طيلة عقود لما كانت موردا للمعادن ولثروات الحلفاء عندما كانت هذه ُتصدر إلى أوربا لصناعة الورق، وأيام امتد خط السكة الحديدية حتى بوعرفة لنهب ثروات باطن الأرض [المنغنيز]، وتركت لحالها منذ إغلاق المنجم قبل أربعين سنة.إن هذا الاحتجاج تعبير عن معاناة اكبر من عبء مشكل الماء، انه الوضع العام المثقل بالمشاكل في كل أوجه الحياة، وليس غلاء الماء غير المبرر المباشر ليطفو سخط عميق. لقد وصل السيل الزبي في بوعرفة. اكتوت الجماهير الشعبية بنيران شتى صنوف الحرمان طيلة عقود. عقود من الاهمال، جعل حتى الاكاديميين، البعيدين عن أي تحريض، يصفون المنطقة ب"الزاوية الميتة" و "هامش الهامش" [1].تقاليد كفاح ناميةسبق لمنطقة بوعرفة أن تحركت مرارا منذ مطلع سنوات 2000 ، منها المظاهرات الشعبية في بني تادجيت في يونيو 2001، تنديدا بجريمة قتل جندي لشاب من البلدة،ورفضا لغطرسة الجنود. وكانت فرصة لتفجير السخط إزاء واقع الحرمان العام المفروض على أهالي المنطقة. وفرض الغضب الشعبي المتفجر آنذاك انتقال لجنة مكونة من وزير الداخلية الميداوى، والجنرال حسني بنسليمان، والجنرال بناني ومدير الأمن بنهاشم الي بني تادجيت. والتزم وزير الداخلية بخلق مشاريع تنموية والنهوض بالمنطقة. وفي أكتوبر 2005 شهدت كل من تالسينت وبوعرفة، مظاهرات شعبية حاشدة للمطالبة بفرص عمل، وموارد عيش قارة، وخفض رسوم فاتورات الكهرباء التي يكتوي بنار غلاءها المواطنون. جاب المتظاهرون بلدة تالسينت، من حوالي الساعة الثامنة مساء من يوم الجمعة إلى حوالي الساعة الثانية والنصف صباحا من يوم السبت 29 أكتوبر، وقد تدخلت عناصر من القوات المساعدة وقوات السيمي، التي أُستقدمت من خارج تالسينت، بالهراوات كما تم إطلاق الرصاص الحي في الهواء. هذا الهجوم خلف إصابة العديد من المواطنين بجروح وكسور وذلك بحضور القائد، رئيس الدائرة بني تادجيت وعقيد من الدرك.وقد حضر في اليوم التالي، السبت 29 أكتوبر، إلى البلدة، عامل بوعرفة واجتمع مع أعضاء الجماعة. ورفض السكان لقاءه احتجاجا على قمع تظاهرتهم السلمية، مستبعدين وساطة إحدى الهيآت السياسية ومصرين على أن تلبي مطالبهم بدون قيد أو شرط."وبلغ عدد المشاركين في المظاهرات أزيد من 2000 شخص في تالسينت واخرى بنفس الحجم في بوعرفة.ومرات عديدة أخرى، وباشكال متنوعة، ابدى المقهورون استياءهم واوضحوا مطالبهم:اضرابات الشغيلة، ابرزها مؤخرا الاضراب الاقليمي في قطاع التعليم، واحتجاجات المعطلين، منها على سبيل المثال اعتصام المعطلين المجازين المفتوح أمام مقر العمالة ببوعرفة الذي تعرض للهجوم في الخامسة صباحا واعتقال سبعة معطلين منهم يوم 06/10/2005 ، و الوقفة الاحتجاجية لفرع بوعرفة للجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين، يوم 25 اكتوبر 2005 ، التي ووجهت بتدخل بوليسي وحشي عنيف أدى إلى وقوع إصابات في صفوف المعطلين.كما بات اللجوء الى الجزائر شكلا للتعبير عن كون الحياة لا تطاق بالمنطقة، ففي ابريل 2003 قام ازيد من 300 مواطن بمسيرة نزوح جماعي ، رجالا ونساء، فتصدت لهم السلطات المحلية وقوات القمع ببوعرفة بعد سيرهم 20 كلم . وهي نفس كيفية الاحتجاج التي لجأ اليها 35 شابا من عين الشعير [62 كلم من بوعرفة] في يناير 2007.منقذو شرف العمل النقابي في خضم التحرك الشعبي الجاريبينما تصر القيادات النقابية على غيها، ممتنعة عن تصدي فعلي لتعديات أرباب العمل ودولتهم، سارع نقابيو بوعرفة الى القيام بما يقتضيه الظرف ويستوجبه منطق النضال: الإضراب العام. حيث انعقد بمقر الكونفدرالية الديمقراطية للشغل مساء يوم 29/05/2007 اجتماع استثنائي للمجلس الكونفدرالي وقرر الإضراب العام يوم الاثنين 4 يونيو 2007. قد تلوذ القيادات النقابية، القريبة الى دهاليز "الحوارات" المغشوشة مع الحكومة بقدر بعدها عن نبض الشارع الشعبي، بالصمت، وانتظار خفوت الحركة النضالية ممتنعة حتى على إبداء مشاعر التضامن على الورق، كما فعلت أيام كفاحات ايفني وطاطا في العام 2005، لكن المناضلين بالقاعدة مطالبون في جميع الأحوال بالانخراط في التعبئة للتضامن مع كفاح بوعرفة، بالتعريف به اعلاميا وايجاد سبل للتضامن ومساندة صمود المناضلين والمناضلات.واذا كان المجلس الإقليمي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل [ تالسينت، بني تجيت، بوعنان، فكيك، بوعرفة] سيجتمع للنظر في رد جماعي، فان باقي النقابات، محليا ووطنيا، مدعوة الى تجسيد التضامن الطبقي، ولا فقدت مبرر الوجود. وعلى جميع النقابيين الجذريين تفعيل مواقع المسؤولية والا هي مجرد كراسي كسيحين. إن القيادات امام مسؤولية تاريخية، فبغضها الطرف كليا على حركة تنسيقيات مناهضة الغلاء منذ انطلاقها، إنما تعطي الضوء الأخضر للحكومة كي تقمع. إن صمتها تشجيع للحكومة على اللجوء الى الهراوة.ان قدرة مطلب وقف ارتفاع الأسعار على تجميع الكادحين و حفزهم على طريق النضال قدرة كبيرة دلت عليها تجربة تنسيقيات مناهضة الغلاء، وان موقف القيادات النقابية من هذه الحركة دليل انها لا تسعى باي وجه الى إيجاد مرتكزات لتغيير ميزان القوى الطبقي بما يتيح تحسين الأوضاع الجهنمية التي تكابدها أغلبية الشعب.كلنا في محك الفعاليةبعد اتضاح فشل خيار التصعيد القمعي ضد إرادة مدينة بكاملها استدعت السلطات المحلية تنسيقية مناهضة الغلاء ببوعرفة لما يسمونه"الحوار". ولاستيفاء شروط تفاوض حقيقي طلبت التنسيقية كمقدمة جدية لأي نقاش إطلاق المعتقلين و إرجاع العدادات، وإجلاء قوات وحدات التدخل المتحركة [السيمي] عن المدينة. وجلي ان النجاح في انتزاع مكاسب يستدعي تطوير مستوى التعبئة وتوسيعها وتضامن سكان مناطق أخرى بالمغرب. ان أي خطوة تضامنية تعزيز للموقع التفاوضي لتنسيقية بوعرفة، وأي تهاون يحكم على كفاح بوعرفة بالعزلة والاختناق. و ان المعني الاول والمباشر هو حركة تنسيقيات النضال ضد الغلاء. لقد اضحت بوعرفة طليعة مناهضة الغلاء بامتياز، ببنائها للتجربة الأكثر كفاحية ضمن حركة التنسيقيات، لكن كادحي بوعرفة في مرمى نيران القمع،حيث تدفقت تعزيزات القمع على المدينة الصامدة. يستدعي هذا وضع مسألة سبل التضامن مع جماهير بوعرفة في أعلى جدول أعمال اجتماع التنسيقيات يوم الاحد 3 يونيو 2007. ولعل أول السبل تنظيم قافلة تضامنية تدعو إليها التنسيقيات، ولا شك أنها ستكون دفعة للحركة التي بدت عليها علامات مراوحة المكان حيث لم تتمكن في اغلب المدن من تجاوز أشكال نضال رمزية عديمة العمق الشعبي.ان أعظم ما يخشاه الحاكمون هو امتداد كفاح بوعرفة الى باقي أرجاء البلد، وتطور هذا الكفاح في أفق شمولي جذري، وهنا بالذات يكمن دورنا نحن إخوة كادحي وكادحات بوعرفة. فلنبرهن على أننا جديرون بهذا الدور

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire